More About article

```html

” المهندس المعماري الحقيقي يشبه لاعب الشطرنج، حيث يجب عليه حساب كل قرار يتخذه مرارًا وتكرارًا. لا يمكنه تحريك بيدقه كما يحلو له دون الانتباه إلى بقية القطع، وإلا فإن ملكه سيهلك وسيخسر. إنه مضطر إلى الاهتمام بجميع القطع وحساب الخطر والوعي به في كل حركة. وفي كل قرار. وبالمثل، فإن المهندس المعماري لديه سبب ومعنى لكل خطوة وكل قرار يتخذه، ويجب عليه الانتباه إلى جميع الأبعاد المحيطة بقراره. عينه على الاقتصاد حتى لا يبالغ في ميزانية المشروع، وعينه على البيئة التي هو ضيف فيها، حتى لا يزيد العبء عليها بمبناه الجديد، وعينه على الطاقة حتى لا يستنزفها، وعينه على ثقافة أهل المكان الذين يصنع لهم المبنى حتى لا يخالف عاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم، وعينه على شبكة العلاقات الاجتماعية. 

التي تربطهم، وعلى المهارات والحرف اليدوية التي يتقنونها، وعلى المواد التي يمكن استخدامها، وعلى القوانين التي تحكم وتنظم البناء في موقعهم، وعلى الوظيفة التي يجب أن يؤديها المبنى على أكمل وجه، وعلى مجموعة الخبرات الحسية البليغة التي يريد إيصالها من خلال مبناه، وعلى القيمة المضافة وراء بنائه، وعلى القيم التي يدعو إليها والتطوير الذي يجب أن يحققه من خلاله. الأمر ليس سهلاً وليس مجرد مظهر خارجي مبهر وليس مادة أو نظام بناء معين. بل العمارة الصادقة هي كل ما ذكرته وأكثر لأنها في النهاية لها هدف أسمى وهو تحقيق جودة حياة الإنسان. لا تتحقق جودة الحياة عندما تصبح البيئة المبنية مليئة بالتناقضات التي تزعج حياة الناس. 

المهندس الذي يصمم شققًا سكنية تفصلها جدران رقيقة لا تمنع الصوت وتنتهك الخصوصية السمعية يصبح مسؤولاً عن كل ما تسببه هذه الجدران من تدهور العلاقات الاجتماعية بين الجيران وإزعاج حياتهم، وهو الذي يصمم مساحة مكتبية بدون... الحد الأدنى من الإضاءة الطبيعية سيكون مسؤولاً عما سيعانيه الناس من العمل في هذه البيئة المظلمة والكئيبة

من يصمم الحمامات في بدروم المساجد دون مراعاة التهوية الجيدة سيكون مسؤولاً عن إحجام الناس عن الذهاب إلى المسجد بسبب الروائح المنبعثة. من يصمم مباني زجاجية تستنزف الثروة من أجل الشعور بإحساس زائف بالحداثة سيكون مسؤولاً عن إضاعة أموال الناس بلا هدف أو هدف ذي شأن... هناك أمثلة كثيرة لأولئك الذين يتصورها قلة من الناس.
 سنحاسب نحن كمعماريين على ما اقترفته أيدينا إذا لم نتق الله في البناء الذي نصنعه في بلدنا وفي... لم نقدمه لتسهيل حياة الناس

```